17 أبريل 2008

بنات الـورد

ـ أنا وياك وحدنا يا ورد رح نبكي ... إنت وأنا ياورد وحدينا هونيك بليلة برد ـ
.
...
" حينما أودعت نفسها في ثنايا الحلم متوهمةً برقصةٍ بروح الورد ، لم تكن على بصيرةٍ كافية لتدرك أنها طقوس الاستدراج لدى كهنة الوجع ، ستقدم رحيقها فيستنزفونها حتى لا يتبقى غير حزنٍ أكثر "

في صالونها المفضل كانت تجلس هي وصديقتها المقربة والذي يسميانه بحلم الفيروز ، بجدرانه التي حرصت أن يتم تلوينها باللون البني لتتقارب مع التحامات القهوة الدافئة والمرشوشة بأماني القرفة والكاكاو كسحرٍ برائحة الشيكولاتة أو مشروب التمرالبارد الذي ينعشهما كليلةٍ من ليالي الجنة ، كما حرصت على وجود الجلسة العربية التي تتيح لهما المجال لاحتضان كم الألم الذي سيفترشانه بينهما في ساحة اعتراف ، بشرفته على حديقة الياسمين وأريجها المُهدهد وحميمية نهر النيل ، كل ذلك كان مهيئاً للحكي والتواصل ... وفي هدنة التنفس تُصالحهما فيروز بنغمها النقي

كان التسامر بأرواحهم المرتعشة ، محاولة لتقريب المسافات لدفئهم بالوجع ... فلا شفاء تام لضحايا الوجع ، هم دائما على قيد تشوهٍٍ بجرح يمارسون تداويهم بالتي هي نفس الداء
كانت تعاني من ذاكرتها المُهلكة بالصمود لم تقدر يوما على محو ذبذابتها عالية التذكر والمستنزفة لطهارتها الروحية في التسامح والتأقلم مع النقاط الجديدة ... والمفقدة للذة الأولى في التعامل مع الأشياء ، قالت لصديقتها في إحدى الجلسات لولا خوفي من أن أفقد ما تبقى من بعض نقاء ، لحسدت هؤلاء المبروكين بموهبة الزهايمر الجزئي والثائرين عليه ولا يدركون كم أهدتهم الذاكرة من نياشين الطبطبة .. أحنت عليهم بكبسولات مسكنة للوجع وهم يغفلون

كانت تحب الورد بطريقة مختلفة غير الأخرين ليس لنثره بهجته برائحة الجمال والطاقة ، لا ... بل كانت تعلم أن نقائه ينبع من حزنٍ أعمق ، تعلم أن لكل وردةٍ رحيقها في المعنى لا فيما نستنزفه من عطائها فلا نـُبقيها غير فتات الإرادة فتذبل
.
تذكرت وهي جالسة وحدها في صالونها أخر مرة اشترت فيها وردة ً كعادتها في فضول التوغل مع عالم الورد ، دائما تختار الأنواع التي تغيب عنها أيدي البشر لتعودهم على الروتين حتى فيما يستمتعون به من جماليات ، كانت هي تخالف وتشتري أنواعا عجيبة لتحظى بلحظة جديدة ومختلفة مع التأمل قد يكون لاحتياجها دائما أن تقترب من نفسها فتبحث عنها في كل غريب وبعيد عن المألوف أو لتجد قطعة ً منها تهديها لحبيبها الـذي ينتظرها بشكل ما في عالمٍ مبهم لم تعلم عنه شئ ، كصكٍ أنها أسلمته رحيقها يتنفسه وتمتزج به للأبد

حينها لم تعلم صديقتها التي أرادت شراء وردة بلدي لاستنشاقها على أملٍ أن تُعبئها بطاقة الوقوف ، أنها أرادت شراء وردة أيضا لكن لتودع ما فاض من حنينها وتجيد الكسر بعرض حقيقةٍ أدركتها من زمنٍ في هدهدة الوعي بعيدا عن الواضح جدا

كانت تريد أن تعطي هي للوردة رحيقها من التعب لتطمئنها أنها معها وحيدة مثلها وتدرك حزنها تماما ، وفضلت أن تختار من الورود ما يميل للموف والبمبى الداكن لأنهم أكثر الورود كبريائا بحزن وامتدت يدها حينها لوردة عزيزة لونها موف سألت البائع ما اسمها .. فأجابها " كرزيتم " وردتها الموفية كانت منحا لكسرها ليتناسب مع شرود الكثير عن ظلها ؛
بعدها علمت الكثير عن قرينتها في الورود وكم هي طويلة العمر أربكتها بألمها البطيء ، لتنبهها كم ستقاسي اختيارها للون الحياة القادمة

ترى ؟ أكان ذنبها انجذابها لحزنها الهادئ ؛ واحتضانها لعبير دمعها ، هي تعلم أنهما يتشابهان تماما ، فلم تحصل على وردةٍ تبكي عبيرها بقلة أكبر مما يحتويه دواخلها ، كأنها تُعاند واقع الموت السريع بالكبرياء فتلازم الحياة فترة كحوريات البحر على شاطئ البَعد

ستضعها في دفترها الملئ بتعثرات وبقايا ذكرياتها وطعم الحب الذي لم يأتي
.
فالآن هي على يقين بسراقتناصها هذه الوردة تحديدا رغم حديقة الياسمين التي يفتضح بياضها من شرفتها ، كأنه الياسمين كان صادقا وصريحا كلونه لم يُجيد التخبئة فلم يحتاج هذا القدر من الألم لكي يتلون بأخر ،
.
أما وردتها فهما متشابهان تماما في خلود الوجع بالوقوف
....
-------
.
اللوحة للفنان الرائع الروسي : ـ alexei harlamoff ـ
.
...

هناك 8 تعليقات:

  1. http://salafiana.blogspot.com/2008/04/blog-post.html حملة مقاطعة المنتجات الهولنديه .. هنا أغلب المنتجات الهولنديه قاطعوهم وأنصروا دينكم ... أنشرها وأحتسب الأجر

    ردحذف
  2. طيب كيف هايدا وكيف ملايينه مامره شايفينه عرقان ..
    الحلوه دى ,,

    ردحذف
  3. دى غلطه التعليق دا انا كنت عاوز اعلق فى مدونه تانيه عن زياد الرحبانى
    فطلعت غلط ..
    حصل خير
    بس تعليقى عندك كنت عاوز اقول فيه ايه المدونه الرقيقه جدا جدا جدا دى . وأيه الحس الفنى العالى أوى دا . مدونتك مفتريه الصراحه . انا بقالى كتير مدونتش بس اتفاجئت بيها الصراحه
    تحياتنى وبالتوفيق

    ردحذف
  4. ما يفعل الإنسان في النص الجميييل ؟؟؟ العذب؟؟ الشفاف .. الـ مسكون...بال شـعر ..كهذا!!
    .... قصـة مختلفة وجميلة جدًا جدًا يا نهى
    الأجمل أن حالتها حقيقي سحرية
    بالمناسبة سأنقلها لـ(جروبنا) المعظم :)
    علًّ البشر يتعلمون ...
    سعادتك بس عندك (تستنزفه) 3 مرات وهيا بالزاي :)
    ((خارج النص: حوار الورد ده حاسس إني شفته قبل كده ؛) ))

    شكرًا لكِ جدًا ..يانهى
    ودمتٍ بسعــادة :)

    ردحذف
  5. آآآه، نسيت أقول برااافوووو عليكي قوووي حصولك على لوحة الفنان الروسي ده، واللي هيا ف نفس ذات الوقت ف كتيب الساقية لهذا الشهر، واللي هيا برضو لاااايقة قوووي على قصتـك ....

    تحياتي مـرة أخرى ....
    ودمتٍ بسعادة و .. ورد

    ردحذف
  6. في صالونها المفضل كانت تجلس هي وصديقتها المقربة والذي يسميانه بحلم الفيروز ، بجدرانه التي حرصت أن يتم تلوينها باللون البني لتتقارب مع التحامات القهوة الدافئة والمرشوشة بأماني القرفة والكاكاو كسحرٍ برائحة الشيكولاتة أو مشروب التمرالبارد الذي ينعشهما كليلةٍ من ليالي الجنة ، كما حرصت على وجود الجلسة العربية التي تتيح لهما المجال لاحتضان كم الألم الذي سيفترشانه بينهما في ساحة اعتراف ، بشرفته على حديقة الياسمين وأريجها المُهدهد وحميمية نهر النيل ، كل ذلك كان مهيئاً للحكي والتواصل ... وفي هدنة التنفس تُصالحهما فيروز بنغمها النقي

    ______________

    تداخلت الروائح والمشاعر والنسيم
    العابر من النيل لتلمسي الروح

    تحياتي

    ردحذف
  7. دراويش

    كويس إنك وضجت لأني كنت بسأل ايه جاب شوهالأيام لموضوعي :)

    ومرورك أحلى من هون ويارب ماتكونش اخر زيارة
    تحية

    ......

    ابراهيم بيك

    الله يكرمك
    بس ياريت تطمنا على تحديف الطوب اللي في جروبكم :)

    وشكرل لتوضيح الخطأ الحرفي
    واحم حوار الورد طبعا يافندم ده حوار بيحصل كتير أصلا يعني عيش بقى خدت وسام الدولة لرؤيتك له مرة

    واللوحة اكيد خدت بالي منها من الساقية من الأصل وعملتله بحث كمان واكتشفت انه حد رائع جدا
    تحية وشيكولاتة وكاكو

    .....

    مؤمن

    شكرا لك وروحك هي النقية لتلمسها الطبيعة

    تحية

    .....

    ردحذف
  8. يخرب بيت الجمال اللي بالشكل ده




    بحبك أد الورد
    ..


    "كتير أوي يا حبيبة ورب العزة"
    ..

    ردحذف