13 يونيو 2008

عزَّى المِعزي وكِـبرت القله

. .
" أنا اللي فايتالكم كردايني ... أنا اللي تاركالكم دموع عيني
"



" يا الذي أنت شمسي في كل حين لماذا لا تشرق عليّ قط ّ "

....

كانت تريدني أن أصبح أميرة ، فألبستني أحذية أصغر من مقاسي ، وربطت مهرة صغيرة سمتها باسمي في كافورة بيتنا وحدثتني في الليل عن أحزانها ، كان لا بد أن أصير أطول قليلاً لأن كل الأميرات ممشوقات القوام . أبي كان يريدني عالمة فضاء فربما اكتشفت أشياء مبهرة وأن يطلق اسمه على مجرة المجرات ، كان يفترض أنني عبقرية اضطررت أن أعتقد ذلك معه.
أخي لم يجاهر بما يريد لكنني دون أن أتكلم حرصت أن أثبت له أنني قديسة أصلي كثيراً وأطلب المغفرة على ذنوب كنت أحلم فقط باقترافها.
اكتشفوا مبكراً أنني مخيبة للآمال وتأخرت حتى أدركت أنني بنت ، مثل كل البنات ، أحلم بالكافورة فرساً ، يركض بها رجلٌ يدعي محبتي ، يخطفني من الشرفة المطلة على القمر لنكتشف عوالم ، ليس مهماً أن يطلق عليها اسم أبي ، سنحفر حروف أسمائنا فقط ، ونصدق أن الله رحيم ولن يعتبر المحبة إثماً كبيراً.
تأخرت في اكتشاف ذلك فاكتفيت بشراء سمكة أسميتها ايرما ترقص ايرما أمامي في بلورتها وأنا أستغرق باهتمام في مراقبة خيباتي ، وادعي أن عبقريتي لم تكتشف بعد .

.......

الورد أسفل قدمك ، الورد الذي أعددته لتقديمه له بعد أن تُطفأ الشمعة ، وتخرجين الحرفين اللذين رسمتهما للصائغ وشرحت له كيف يشبكهما ليصبحا حرفا واحدا ، تصميما يثبت أنك تفهمين في النحت ، قلب كبير على شكل " أحبك " ، يضم الحرفين مضمومين كوردة ، ومتعاشقين كالموت والحياة ، تشبكين أصابعك في أصابعه قبل أن تطفئا الشمعة ويُقبـّلك ، ودون أن تخافي أو تخجلي أو تختلقي أشياء لتغضبي منها لتهربي من أنفاسه القريبة ، مطأطئة رأسك خجلة من فم مشروط بالخياطات ومسقوف بألواح المعدن . إنه الآن جاهز للالتصاق ناسيا جروحه ، لكنه لم يُقبّلك ، ولم تغضبي ، عقدت فمك كما كنت تفعلين طفلة وسكبت عينيك دموعا لم يرها وتظاهرت بالعناد ، وعدت مهزومة أكثر لتجلسي فوق إحباطاتك تكتبين في أوراقك أشياء لا هي قصص ولا أشعار ، إنها فقط خدوش وجهك من أثر حادث قديم .

......

أخبئ وجهي بعيدا عن مرآتي ، لكن حين تواجهني ستقول عني بسخرية ، وتحدثني عن النسيان ، وعن فضائل ارتداء القفاز وصنع المسافات وبراقع الخجل ، وبعد أن تسرد أحكام الصدّ والهجر واللوعة وتؤكد خيباتي ، ستأتي أمي بعد أن تفرغ من صلاتها وتضع رأسي على حجرها وتعدد الرقى وتحدثني عن عيون الناس .
وحين تمر أنت ناسيا أن هذا الذي بقلبي هو جرحك سيأتيني الأرق ويشاركني فراشي ويحدثني عن الكبرياء ، وسوف أتظاهر بالتصديق وأغافله بالليل وأحتضنك ، وقد أبكي على صدرك .

........

تـَفرَّقَ كل واحد في اتجاه ، تركوا للبنت التي كانت تخبَّئ ملامحها بالأغطية ، وتغمض عينيها على الأسى – شروخا عميقة اضطرتها أن تمزق كل ذلك في النهاية وتخلع كل الأغطية التي توشحت بها ، وتراقب شعرها وهو يترنح طليقا ومتعبا على أكتافها ، تكتب في النهاية " ليس جرماً أن تضلّ الطريق في غابةٍ مظلمةٍ " ، ثم تمسح دمعتها وتمزق القلوب والورد المجفف وتلقي الفراشات الميتة في درجها للهواء .

.......

البنت التي كانت تلعب على سلم بجانبه كافورتان كبرت ، حلت ضفائرها تماما ، لم تعد تركب الأرجوحة التي نصبها لها بين كافورتين ، ولم تعد تتسلق الأشجار ، ولم تعد تشاكس أحدا . صارت تجلس بجوار أمها في الشرفة ، لم يعودوا يطلقون على أمها الملكة ناريمان ، لأن أمها لم تعد تفك ضفائرها ولا تتعطر ، ولا تجلس في الشرفة لتطرز الكانفا مع صويحباتها أمها صارت حزينة جدا عجوزا وربما صارت ودودا معها لأن الذي كان يتعاركون على محبته مات ، أغلقوا عليه باب القبر ، صار فقط يأتيهما في المنامات .

.......

كلاب بيتنا تنبح هل مرّ أحد ؟! هل جاء قاصدا أحداً ؟! باب بيتنا لا يستقبل إلا رجلاً واحداً يعدّون له العطور والمناشف . نامي في حضني ياملك ولا تقرري الرحيل الآن ، سنعطي له هذه المرة ، امرأة أخرى تجلس في شرفة أخرى ، كانت ترقص بثوبها اللميه المقصَّب أمام مرآة دولابها وَتُعَدِّدُ :


" قلبي مدينة وتاه مفتاحه كترت همومه ، وقَلَّت أفراحه "


----------------------------

من روايةٍ رغم أنها احتلتني فترة من الوجع لكنها عرفت أن تبهرني بارتباك ، تتقمصني بروحانيات بنتا تحيا بين ذراعين من الحلم وصدمة الحقيقة ، مختلطة بطعم البخور والريحان لتفوح عادات الماضي ورحيق الطفولة كرقية لمحاولة تنقيتها من تشوهاتها و شرور الزمن المصاحبة ، وهناك حيث لا عقاب على الخيال تسحبني لسحابة من الألم المُحلى ، لتلامسني بحفيف الوجع وتُلبسني بشهقة النفور وأنفاس كل ما لم يعد ، في محاولة لإحكام أزرار البُعد بكسر .. متغافلة اعتداءات القدر وصُدفه ، وجعلنتي أقرؤها أكثر من مرة :

" الباذنجانة الزرقاء - ميرال الطحاوي "
....

العنوان برده منها وهي عدودة للحسرة استقبلت بها الجدة البنت
وللعلم الأحداث مش بالترتيب


هناك 5 تعليقات:

  1. هو انا مش واصلنى العنوان ليه؟؟
    انا قريت الروايه على فكره بس من فتره كبيره بس لسه فاكره المقاطع اللى انتى اخترتيها من الباذنجانه الزرقاء
    على قد مالروايه اتكتب فيها كويس واتكلموا عليها كويس الا انى بحس بنفور فى النهايه لا اعلم سببه

    بس سيبك انتى
    وحشتينى
    ديرى بالك ع حالك

    ردحذف
  2. بوست مميز

    تسلمى علية


    تحياتى

    ردحذف
  3. هية البتنجانة دي تبع دار أيه

    أنا حاسس أن مصر كلها قريتها معادا أنا

    و ميرسي عالإنارة

    ردحذف
  4. كرانيش
    ادينا وضحنا المقصود :)
    والرواية يمكن ينبع النفور زي ما وضحت في الاخر بتعليقي انها منّا أي أنا أو أيامن قرأها
    بس غير كده فهي عجباني بشكل كبير جدا ونظرا اني مستلفاها فناوية اشتريها إن شاء الله

    بس
    انتي شوحاني أكتر
    وسلملي عليك

    .......

    تامر نبيل

    ومرورك مميز
    اتمنى تكرره
    تحية

    ......

    عين ضيقة

    علشان طيبة :)
    ولأن الرواية عبارة عن دمعة حتى لو مخرجتش

    ......

    عبد الحي ومرفقاتك الصراحة مش فاهمه ليه ؟

    المهم ماعلينا
    الرواية تبع دار شرقيات يافندم ، وهتلاقيها في مكتبة ديوان

    ومبروك الكهربا ونورتني

    ......

    ردحذف